المضاد الحيوى مش عامل حاجة، كنت باستعمله لابنى قبل كده كان بيخف فى يومين، دلوقتى بأكرر له العلبة ومفيش أى استجابة!!، جملة طالما نسمعها هذه الأيام ما بين المصريين والسبب ليس عيب صناعة، ولكنه عيب ثقافة، المريض المصرى «يتقمص» ويغضب ويصف الدكتور بأنه لا مؤاخذة كذا ما بيفهمش، لأنه لم يكتب له مضاداً حيوياً فى الروشتة، وقال له الزكام اللى عندك محتاج راحة وشرب سوائل وليمون ومخفض حرارة، يرغى ويزبد المريض وينزل على السلم يسب الدكتور بالأب والأم وكل العائلة المبجلة، هو أنا كنت دافع الكشف عشان ما يكتبليش مضاد فى الروشتة، هو أنا أقل من جارى فلان اللى الدكتور كاتب له روشتة وش وضهر حاجة كده تملا العين، أنا مش هفيه عشان ما يكتبليش مضاد!!، هذا هو تفكير المريض المصرى، لكن المريض ليس هو المدان، هناك الطبيب أيضاً، فثقافة المريض الزبون وعشان ما يهربش من العيادة ويزعل منى...الى آخر هذا القاموس الذى ينفع فى محلات البقالة وليس فى الطب، هذه الثقافة عندما تتملك الطبيب تصبح رغبة الزبون هى الفيصل والحاكم المسيطر، يستجيب الطبيب ويغازل الزبون، فيكتب له أفخر الأنواع وأغلاها ثمناً من باب إحنا ما بنعزش عليك حاجة وإحنا خدامينك وشرفنا تجد ما يسرك والبضاعة لا ترد ولا تستبدل!!، منظمة الصحة العالمية تحذر: هناك أنواع جديدة من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية فى طريقها إلى الظهور، كارثة ومصيبة ستحل على العالم والسبب ضعف وعى وقلة ثقافة وبيزنس أطباء، المضاد الحيوى يعتبر من أهم الاكتشافات الطبية، ولحظة اكتشاف فلمنج للبنسلين على طبق المعمل، أعتبرها أهم لحظة فارقة فى تاريخ الطب برغم أنها وليدة الصدفة ولكنها الصدفة التى تأتى لمن يستحقها، البكتيريا عندما تتعرض لقصف المضاد الحيوى غير المناسب أو غير المحتاج إليه أصلاً أو بجرعة غير مؤثرة، هذه البكتيريا فى حركة وقائية دفاعية بعضها تحدث فيه طفرات وراثية وتصبح نوعاً جديداً تماماً مقاوماً للمضاد الحيوى، يغير بطاقة هويته فلا يمكن الإمساك به فى أى كمين!!، للأسف نحن نستخدم المضادات الحيوية فى مقاومة الأمراض الفيروسية، وهذا هو المفتاح الأول للكارثة، شوية برد خفيف إنفلونزا لم تتطور بعد إلى التهاب رئوى بكتيرى تصاحبه كحة ببلغم أصفر، جيوب أنفية والتهابات حلق فيروسية، إسهال سببه الفيروس.. إلخ، طبعاً قبل الطبيب، يذهب المريض إلى الصيدلى وبالطبع الصيدلى مش حيكسفه وعايز يبيع فينفحه أغلى مضاد، وعندما نحتاج المضاد فعلاً وقتها سنجده غير فعال، لأن البكتيريا أخذت حذرها وغيرت البطاقة، هناك كارثة أخرى وهى أننا بإدمان المضادات الحيوية نقتل البكتيريا النافعة، السؤال هل هناك بكتيريا نافعة؟، طبعاً وعايشة معانا فى جسمنا فى علاقة تكافلية نفعنى وأنفعك، بل الأخطر هناك دراسات تؤكد أن بعض هذه البكتيريا النافعة تتحول إلى بكتيريا مضرة!!، حتى هذه البكتيريا الغلبانة النافعة نحن نغتالها بجهلنا وعدم وعينا وسربعة دكاترتنا، خاصة دكاترة الأطفال، مثال هناك زيادة فى نسبة الإسهال القاتل للأطفال، والذى لا يستجيب للمضادات، لأن أى كحة أو التهاب أذن فى الأطفال وارتفاع حرارة يقابل من الطبيب بقصف مدفعى من المضادات الحيوية الفاخرة، للأسف نحن لا نرهق المريض مادياً فقط، ولكننا نغتاله بالبطء تحت لافتة واحد مضاد حيوى وصلحه!!.